الأخبار

​​​​​​​واشنطن بوست: الكورونا قد يطيح بالاتحاد الأوروبي

تصاريح رؤساء الدول الأوربية للعالم باتت كالاستسلام لوباء فيروس كورونا الذي حصد أرواح آلاف الأوروبيين في فترة قصيرة، فالكلمات المشؤومة هي علامات على أن الاتحاد الأوروبي نفسه قد يكون ضحية للوباء.
ونشرت صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية تحليلاً تحدثت فيه عن التشاؤم الذي بدأ على حديث الرئيس الفرنسي يوم الخميس الماضي، حيث اختتم إيمانويل ماكرون حديثه في نهاية مؤتمر “غير مثمر” استمر مدة 6 ساعات مع قادة الاتحاد الأوروبي، بالقول ” بقاء المشروع الأوروبي أصبح على المحك “.
وبعد ذلك بيوم، حذر الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا في خطاب نادر في وقت متأخر من الليل من أن الأمة شهدت، في يوم، أكبر عدد من الوفيات في إيطاليا بفيروس كورونا ” يجب على الجميع فهم خطورة التهديد الذي تواجهه أوروبا قبل فوات الأوان”.
وترى الصحيفة أن هذه الكلمات المشؤومة هي علامات على أن الاتحاد الأوروبي نفسه قد يكون ضحية للوباء، على الرغم من أن أوروبا نجت من سلسلة استثنائية من الأزمات خلال العقد الماضي، أزمة مالية، أزمة أمنية ناشئة عن روسيا، أزمة هجرة مدفوعة بالحروب الأهلية السورية والليبية، أزمة ديمقراطية داخلية بقيادة المجر، رحيل ثاني أكبر اقتصاد، وأزمة التجارة والأمن عبر الأطلسي التي أثارتها الولايات المتحدة.
لكن ردّ فعل أوروبا الفاشلة حيال الفيروس التاجي يكشف عن مدى التفكك الحاصل ضمن الاتحاد، حيث يسعى كل طرف فيه إلى حماية حدوده الداخلية “من أجل البقاء” وعدم إيلاء الاهتمام بشركائه في الاتحاد الأوروبي.
فألمانيا(التي تتربع على عرش الاقتصاد الأوروبي) على سبيل المثال تمتلك أقوى جهاز رعاية صحية في أوروبا، كان الأحرى بها تقديم المساعدة إلى الدول التي لا تمتلك حداً كافياً من الرعاية الصحية، ولكنها لم تقم بذلك وركزت جل اهتمامها نحو الداخل.
أما إيطاليا فعندما طلبت مساعدة طارئة لمزيد من معدات الحماية الشخصية، لم تستجب الدول الأوروبية، خوفاً من نضوب مخزونها الوطني، بغض النظر عن المساعدة اللاحقة لإيطاليا(من خلال خطوات تسهل المزيد من الدعم الإنساني لإيطاليا) الا أن الضرر قد وقع.
الوباء، بحسب الصحيفة، هو أزمة صحية واقتصادية، وعلى الجبهة الاقتصادية عاد القادة الأوروبيون ببساطة إلى معاركهم القديمة، وغير المحسومة حول الديون المشتركة، حيث لم تظهر البلدان الدائنة في شمال أوروبا أي اهتمام بالتأمين الدائم للأعضاء الجنوبيين المثقلين بالديون، حيث كانت الأزمة أكثر مأساوية.
وفي هذا السياق انقسمت فرنسا وألمانيا، الراعيتان الرئيسيتان للاتحاد الأوروبي، بشدة حول هذه القضية، فباريس تدافع عن الجنوب الأضعف بينما تصر ألمانيا، بطلة الشمال الميسور الحال على رأيها، الأهم من ذلك أن الاتحاد الأوروبي خفف قليلاً من قواعد ديونه وعجزه، ولكن ما لم يكن هناك اتفاق على تحويل مبالغ ضخمة من النقد إلى الأعضاء الأكثر حاجة، فإن الاتحاد الأوروبي سيستمر في الانقسام السياسي والاقتصادي على طول خطوط الشمال والجنوب.
وترى الصحيفة أن الاتحاد الأوروبي عاد إلى خلافاته العالقة حول مراقبة الحدود والهجرة، لقد تم بالفعل إلحاق الضرر بأحد أهم المبادئ المركزية للاتحاد الأوروبي، وهي حرية حركة الأشخاص (وكذلك السلع)، فشيدت الحدود الأوروبية الداخلية من قبل العديد من البلدان الأوروبية خلال أزمة الهجرة عام 2016.
ومع وجود الحدود مرة أخرى، وعدم وضوح سياسة دعم الديون في المستقبل، والافتقار إلى التضامن الملموس، فإن عقود المعاهدات والقواعد والتوجيهات واللوائح الأوروبية تبدو الآن بلا معنى ومحدودة مع تعبئة المنطقة ضد الفيروس التاجي، القيام بالعمل كالمعتاد سيفشل.
إذا لم تتم عودة المُثل الأعلى التي نشأ على أساسها الاتحاد الاوروبي المتمثلة في التضامن والتماسك، فقد يبدأ بشكل مأساوي في توضيح نهاية المشروع نفسه، ويعني التراجع المتسارع للاتحاد الأوروبي أن أحد الركائز الأساسية للعالم الديمقراطي الغربي يهتز بشكل سيء في وقت تقدم فيه روسيا والصين رؤى متنافسة للمستقبل، فأوروبا المجزأة والمفككة ستكون كارثة ليس فقط للدول الأوروبية، ولكن أيضاً للولايات المتحدة والديمقراطية على مستوى العالم.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى